و هل يدخل الضيف من النافذة ؟…أم أن البخل استوطن نظام الجزائر؟

عبد الصمد وسايح

الحطَيْئة، هو “جرول بن أوس بن مالك”، وهو من فحول الشعراء ومقدّميهم وفصحائهم، و قد قيل عنه أنه كان يرعى غنماً في ملكه، وفي يده عصا، فمرَّ به رجلٌ فقال: يا راعي الغنم ما عندك؟ فأجاب الحطيئة: عجراء من سلمٍ -يعني عصاه- قال: إنّي ضيف.. فرد عليه: “الحطيئة” للضيوف أعددتها.

البخل من الصفات التي انتشرت في الكثير من الثقافات القديمة و اشتهر بها شخصيات عاشت في الحضارات القديمة، لكنه ارتبط أساسا بالبخل في العطاء و في الضيافة، و مع تطور الإنسان و الحضارات و التكنولوجيا تطورت أشكال البخل ليصل إلى دعوة الضيف و منعه من الوصول إلى مكان الضيافة بشكل مباشر، و لا أستبعد أن تأتي أجيال من بعدنا و تروي قصص و نوادر البخل التي عشناها من أجل السخرية و الضحك من جيلنا.

يحكى أنه في سنة 2023 تقرر تنظيم بطولة الأمم الإفريقية للاعبين الأندية المحلية في دولة الجزائر، و تحل الفرق المحلية للعديد من الدول الإفريقية ضيفة على هذه الدولة العربية و الإفريقية المسلمة، و بطبيعة الحال فللضيافة شروط و أولها تشييع الضيف إلى باب الدار، و ما دمنا نتكلم عن ضيافة دولة فسنتكلم عن تشييع الضيف إلى مدخل الحدود، و المملكة المغربية من بين الدول التي ستشارك في هذه البطولة و هي طبعا دولة جارة تشترك الحدود مع الدولة المضيفة، بل تشترك الكثير إن لم أقل كل شيء، و لكن بسبب قرار السياسيين في تلك الدولة قاموا في وقت سابق بحظر دخول الطائرات العسكرية والتجارية الخاصة بجارتها لمجالها الجوي بعد قطع العلاقات الدبلوماسية، و رغم أن المناسبة شرط و هي دعوة لمنتخب كرة القدم المحلي للمغرب للحضور كضيف و المشاركة في بطولة قارية و أن الرحلة ليست تجارية لأنها رحلة لتشييع الضيف من بلده إلى منزل المضيف أو حدوده فيجب عليه أن يأخد بعدا أخر غير السياسي، و إكرام الضيف جزء لا يتجزأ من الهوية و الثقافة التي يعتز بها البلد المضيف بل يستغلها في كل فرصة في خطاباته السياسية لعامة مواطنيه.

المملكة المغربية في شخص ممثل قطاع كرة القدم و الممثل في الجامعة الملكية لكرة القدم أعلنت أن منتخبها الوطني لن يشارك في المناسبة التي سيحل فيها ضيفا إلا إذا كانت هناك رحلة مباشرة من العاصمة المغربية الرباط، إلى مدينة قسنطينة الجزائرية، حيث من المقرر أن يلعب مبارياته.

لكن المنظم كان بخيلا و رد على طلب جاره و ضيفه بعصى الحطيئة التي تطرقت لقصتها في بداية المقال، فهل هناك عاقل في دولة الجزائر يقبل دعوة ضيفه للدخول من النافذة و ليس من باب البيت، رغم أنه ليس كأي ضيف، إنه الجار الذي يشتركون معه الكثير من الروابط الاجتماعية و الثقافية، و أنا على يقين بأن العقلاء سيوقفون مهزلة المبالغة في الإسائة لهويتنا المشتركة و سيسمحون بتنقل منتخب المغرب عبر الأجواء الجزائرية كما سبق لهم أن فعلوا مع وزير الخارجية بوريطة، لأن المبالغة في الخصومة لن تؤدي سوى إلى ضرب قيمة المؤسسات الإتحادية سياسية أو رياضية لتعم الفوضى من جديد، و تحيي روح الحطيئة الذي كان ذا شرّ وسفه، وكان إذا غضب على قبيلة انتمى إلى أخرى.


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...